فقال الرجل: تقتلني بغير بينة ولا تثبت؟! فقال له داود: نعم، والله لأنفذنّ أمر الله فيك; فلما عرف الرجل أنه قاتله، قال: لا تعجل عليّ حتى أخبرك، إني والله ما أُخِذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته، فبذلك قُتلت، فأمر به داود فقُتل، فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند ذلك لداود، وشدد به مُلْكه، فهو قول الله: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ).
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك تعالى أخبر أنه شَدَّد ملك داود، ولم يحضر ذلك من تشديده على التشديد بالرجال والجنود دون الهيبة من الناس له ولا على هيبة الناس له دون الجنود. وجائز أن يكون تشديده ذلك كان ببعض ما ذكرنا، وجائز أن يكون كان بجميعها، ولا قول أولى في ذلك بالصحة من قول الله، إذ لم يحر ذلك على بعض معاني التشديد خبر يجب التسليم له.
وقوله (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ) اختلف أهل التأويل في معنى الحكمة في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني بها النبوة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السديّ، قوله (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ) قال: النبوّة.
وقال آخرون: عنى بها أنه علم السنن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ) : أي السنة.
وقد بينا معنى الحكمة في غير هذا الموضع بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله (وَفَصْلَ الْخِطَابِ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال


الصفحة التالية
Icon