وقوله: (آنَاءَ اللَّيْلِ) يعني: ساعات الليل.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ) أوله، وأوسطه، وآخره.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (آنَاءَ اللَّيْلِ) قال: ساعات الليل.
وقد مضى بياننا عن معنى الآناء بشواهده، وحكاية أقوال أهل التأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: (سَاجِدًا وَقَائِمًا) يقول: يقنت ساجدا أحيانا، وأحيانا قائما، يعني: يطيع، والقنوت عندنا الطاعة، ولذلك نصب قوله: (سَاجِدًا وَقَائِمًا) لأن معناه: أمَّن هو يقنت آناء الليل ساجدا طورا، وقائما طورا، فهما حال من قانت.
وقوله: (يَحْذَرُ الآخِرَةَ) يقول: يحذر عذاب الآخرة. كما حدثنا عليّ بن الحسن الأزديّ. قال: ثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، في قوله: (يَحْذَرُ الآخِرَةَ) قال: يحذر عقاب الآخرة، ويرجو رحمة ربه، يقول: ويرجو أن يرحمه الله فيدخله الجنة.
وقوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب، وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات، والذين لا يعلمون ذلك، فهم يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرا، ولا يخافون بسيئها شرا؟ يقول: ما هذان بمتساويين.
وقد رُوي عن أبي جعفر محمد بن عليّ في ذلك ما حدثني محمد بن خلف، قال: ثني نصر بن مزاحم، قال: ثنا سفيان الجريري، عن سعيد بن أبي مجاهد، عن جابر، عن أبي جعفر، رضوان الله عليه (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قال: نحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون.