مكة والبصرة:"ورَجُلا سَالِمًا" وتأوّلوه بمعنى: رجلا خالصا لرجل. وقد رُوي ذلل أيضا عن ابن عباس.
حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن جرير بن حازم، عن حميد، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه قرأها:"سَالِمًا لِرَجُلٍ" يعني بالألف، وقال: ليس فيه لأحد شيء.
وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة: (وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ) بمعنى: صلحا (١).
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن السلم مصدر من قول القائل: سَلِم فلان لله سَلما (٢) بمعنى: خَلَص له خُلوصا، تقول العرب: ربح فلان في تجارته رِبْحا ورَبَحا (٣) وسَلِمَ سِلْما وسَلَما (٤) وسلامة، وأن السالم من صفة الرجل، وسلم مصدر من ذلك. وأما الذي توهمه من رغب من قراءة ذلك سَلَما من أن معناه صلحا، فلا وجه للصلح في هذا الموضع، لأن الذي تقدم من صفة الآخر، إنما تقدم بالخبر عن اشتراك جماعة فيه دون الخبر عن حربه بشيء من الأشياء، فالواجب أن يكون الخبر عن مخالفه بخلوصه لواحد لا شريك له، ولا موضع للخبر عن الحرب والصلح في هذا الموضع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(٢) لم أجد في اللسان (سلم لله سلما" بالتحريك، بالمعنى الذي أورده المؤلف هنا.
(٣) في (اللسان: ربح) : الربح (بالكسر)، والربح (بالتحريك)، والرباح (بفتح الراء) : النماء في التجر اهـ. قلت: وعلى هذا فهما مصدران كما قال المؤلف. وقال: قال ابن الأعرابي: الربح والربح، مثل البدل والبدل. وقال الجوهري: مثل شبه وشبه: هو اسم ما ربحه.
(٤) ضبط الثاني في اللسان ضبط قلم، بفتح السين وسكون اللام، عن أبي إسحاق الزجاج، على أنه قراءة، ولعله خطأ من الناسخ.