كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي، فيكون زمنا معلوما، فأما أتيتك يوم تقوم فلا مؤنة فيه وهو جائز عند جميعهم، وقال: وهذه التي تسمى إضافة غير محضة.
والصواب من القول عندي في ذلك، أن نصب يوم وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات لوقوعها مواقعها، وإذا أعربت بوجوه الإعراب، فلأنها ظهرت ظهور الأسماء، فعوملت معاملتها.
وقوله: (لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ) أي ولا من أعمالهم التي عملوها في الدنيا (شَيْءٌ).
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) ولكنهم برزوا له يوم القيامة، فلا يستترون بحبل ولا مدر.
وقوله: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) يعني بذلك: يقول الربّ: لمن الملك اليوم; وترك ذكر"يقول" استغناء بدلالة الكلام عليه. وقوله: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) وقد ذكرنا الرواية الواردة بذلك فيما مضى قبل. ومعنى الكلام: يقول الربّ: لمن السلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة، فيحيب نفسه فيقول: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ) الذي لا مثل له ولا شبيه (القَهَّارِ) لكلّ شيء سواه بقدرته، الغالب بعزّته.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧) ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) يقول: اليوم يثاب كلّ عامل بعمله، فيوفى أجر عمله، فعامل الخير يجزى الخير، وعامل الشر يجزى جزاءه.


الصفحة التالية
Icon