* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول (فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) قال: شداد.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال عنى بها: أيام مشائيم ذات نحوس، لأن ذلك هو المعروف من معنى النحس في كلام العرب.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقراته عامة قراء الأمصار غير نافع وأبي عمرو (فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) بكسر الحاء، وقرأه نافع وأبو عمرو:"نَحْسَاتٍ" بسكون الحاء. وكان أبو عمرو فيما ذكر لنا عنه يحتج لتسكينه الحاء بقوله: (يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) وأن الحاء فيه ساكنة.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما قرّاء علماء مع اتفاق معنييهما، وذلك أن تحريك الحاء وتسكينها في ذلك لغتان معروفتان، يقال هذا يوم نحْس، ويوم نَحِس، بكسر الحاء وسكونها; قال الفرّاء: أنشدني بعض العرب؟
أبْلِغْ جُذَاما وَلَخْما أنَّ إخْوَتَهُمْ | طَيَّا وَبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُمْ نَحِسُ (١) |
يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْما شَمْسا | نَجْمَيْنِ بالسَّعْدِ وَنَجْما نَحْسا (٢) |
(٢) البيتان من مشطور الرجز، ولم نعرف قائلهما. واستشهد المؤلف بهما على أن النحس فيه لغتان: سكون الحاء، كهذا البيت وكسرها كالشاهد الذي قبله. وعلى هاتين اللغتين جاءت قراءة من قرأ قوله تعالى:" في أيام نحسات" وقد سبق القول عليه في الشاهد السابق.