على قدر ظنونهم بربهم; فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل; وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل، قال ربكم: (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ)... حتى بلغ: الخاسرين. قال معمر: وحدثني وجل: أنه يؤمر برجل إلى النار، فيلتفت فيقول: يا ربّ ما كان هذا ظني بك، قال: وما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني أن تغفر لي ولا تعذّبني، قال: فإني عند ظنك بي".
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: الظنّ ظنان، فظنّ منج، وظنّ مُرْدٍ قال: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ) قال (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ)، وهذا الظنّ المنجي ظنا يقينا، وقال ها هنا: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ) هذا ظنّ مُرْدٍ.
وقوله: وقال الكافرون (إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) وذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول ويروي ذلك عن ربه:"عَبْدِي عِنْدَ ظنِّه بِي، وأنا مَعَهُ إذَا دَعانِي". وموضع قوله: (ذَلِكُمْ) رفع بقوله ظنكم. وإذا كان ذلك كذلك، كان قوله: (أَرْدَاكُمْ) في موضع نصب بمعنى: مرديا لكم. وقد يُحتمل أن يكون في موضع رفع بالاستئناف، بمعنى: مردٍ لكم، كما قال: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً) في قراءة من قرأه بالرفع. فمعنى الكلام: هذا الظنّ الذي ظننتم بربكم من أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون هو الذي أهلككم، لأنكم من أجل هذا الظنّ اجترأتم على محارم الله فقدمتم عليها، وركبتم ما نهاكم الله عنه، فأهلككم ذلك وأرداكم. يقول: فأصبحتم اليوم من الهالكين، قد غبنتم ببيعكم منازلكم من الجنة بمنازل أهل الجنة من النار.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) ﴾