إليهم حتى آثروه على أمر الآخرة (وَمَا خَلْفَهُمْ) يقول: وحسَّنوا لهم أيضا ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التكذيب بالمعاد، وأن من هلك منهم، فلن يُبعث، وأن لا ثواب ولا عقاب حتى صدّقوهم على ذلك، وسهل عليهم فعل كلّ ما يشتهونه، وركوب كلّ ما يلتذونه من الفواحش باستحسانهم ذلك لأنفسهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا (وَمَا خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة.
وقوله: (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) يقول تعالى ذكره: ووجب لهم العذاب بركوبهم ما ركبوا مما زين لهم قرناؤهم وهم من الشياطين.
كما حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) قال: العذاب. (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ)، يقول تعالى ذكره: وحق على هؤلاء الذين قيضنا لهم قُرَناء من الشياطين، فزيَّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم العذاب في أمم قد مضت قبلهم من ضربائهم، حق عليهم من عذابنا مثل الذي حَقّ على هؤلاء بعضهم من الجن وبعضهم من الإنس.
(إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ) يقول: إن تلك الأمم الذين حق عليهم عذابنا من الجنّ والإنس، كانوا مغبونين ببيعهم رضا الله ورحمته بسخطه وعذابه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله ورسوله من مشركي قريش: