قال: وفي كل واحد من البيتين ما في صاحبه من الكسر والفتح.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الكسر والفتح في الألف في هذا الموضع قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن العرب إذا تقدم"أن" وهي بمعنى الجزاء فعل مستقبل كسروا ألفها أحيانا، فمحضوا لها الجزاء، فقالوا: أقوم إن قمت، وفتحوها أحيانا، وهم ينوون ذلك المعنى، فقالوا: أقوم أن قمت بتأويل، لأن قمت، فإذا كان الذي تقدمها من الفعل ماضيا لم يتكلموا إلا بفتح الألف من"أن" فقالوا: قمت أن قمت، وبذلك جاء التنزيل، وتتابع شعر الشعراء.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأوَّلِينَ (٦) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ) يا محمد في القرون الأولين الذين مضوا قبل قرنك الذي بعثت فيه كما أرسلناك في قومك من قريش. (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) يقول وما كان يأتي قرنا من أولئك القرون وأمة من أولئك الأمم الأولين لنا من نبيّ يدعوهم إلى الهدى وطريق الحق، إلا كان الذين يأتيهم ذلك من تلك الأمم نبيهم الذي أرسله إليهم يستهزئون سخرية منهم بهم كاستهزاء قومك بك يا محمد. يقول: فلا يعظمن عليك ما يفعل بك قومك، ولا يشقنّ عليك، فإنهم إنما سلكوا في استهزائهم بك مسلك أسلافهم، ومنهاج أئمتهم الماضين من أهل الكفر بالله.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأوَّلِينَ (٨) ﴾