ولكنه وحد الهاء، لأن الفلك بتأويل جمع، فجمع، الظهور ووحد الهاء، لأن أفعال كل واحد تأويله الجمع توحد وتجمع مثل: الجند منهزم ومنهزمون، فإذا جاءت الأسماء خرج على الأسماء لا غير، فقلت: الجند رجال، فلذلك جمعت الظهور ووحدت الهاء، ولو كان مثل الصوت وأشباهه جاز الجند رافع صوته وأصواته.
قوله: (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) يقول تعالى ذكره: ثم تذكروا نعمة ربكم التي أنعمها عليكم بتسخيره ذلك لكم مراكب في البر والبحر (إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) فتعظموه وتمجدوه، وتقولوا تنزيها لله الذي سخر لنا هذا الذي ركبناه من هذه الفلك والأنعام، مما يصفه به المشركون، وتشرك معه في العبادة من الأوثان والأصنام (وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب وعبيد بن إسماعيل الهباري، قالا ثنا المحاربيّ، عن عاصم الأحول، عن أبي هاشم عن أبي مجلز، قال: ركبت دابة، فقلت: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)، فسمعني رجل من أهل البيت; قال أبو كُرَيب والهباريّ: قال المحاربيّ: فسمعت سفيان يقول: هو الحسن بن علي رضوان الله تعالى عليهما، فقال: أهكذا أمرت؟ قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول الحمد لله الذي هدانا الإسلام، الحمد لله الذي من علينا بمحمد عليه الصلاة والسلام، الحمد لله الذي جعلنا في خير أمة أُخرجت للناس، فإذا أنت قد ذكرت نعما عظاما، ثم يقول بعد ذلك (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ).