يقول تعالى ذكره: فانتقمنا من هؤلاء المكذّبة رسلها من الأمم الكافرة بربها، بإحلالنا العقوبة بهم، فانظر يا محمد كيف كان عقبى أمرهم، إذ كذّبوا بآيات الله. ويعني بقوله: (عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) آخر أمر الذين كذبوا رسل الله إلام صار، يقول: ألم نهلكهم فنجعلهم عبرة لغيرهم؟
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) قال: شر والله، أخذهم بخسف وغرق، ثم أهلكهم فأدخلهم النار.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ) الذين كانوا يعبدون ما يعبده مشركو قومك يا محمد (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) من دون الله، فكذّبوه، فانتقمنا منهم كما انتقمنا ممن قبلهم من الأمم المكذّبة رسلها. وقيل: (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) فوضع البراء وهو مصدر موضع النعت، والعرب لا تثني البراء ولا تجمع ولا تؤنث، فتقول: نحن البراء والخلاء: لِما ذكرت أنه مصدر، وإذا قالوا: هو بريء منك ثنوا وجمعوا وأنَّثوا، فقالوا: هما بريئان منك، وهم بريئون منك. وذُكر أنها في قراءة عبد الله:"إنَّنِي بَرِيءٌ" بالياء، وقد يجمع برئ: براء وأبراء. (إِلا الَّذِي فَطَرَنِي) يقول: إني بريء مما تعبدون من شيء إلا من الذي فطرني، يعني الذي خلقني (فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) يقول: فإنه سيقومني للدين الحقّ، ويوفقني لاتباع سبيل الرشد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.