وكما قال الآخر؟
فَبَصْرَةُ الأزْدِ مِنَّا والعِرَاقُ لنَا... والمَوْصِلانِ وَمِنَّا مِصْرُ والحَرَمُ (١)
يعني: الموصل والجزيرة، فقال: الموصلان، فغلب الموصل.
وقد قيل: عنى بقوله (بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) : مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، وذلك أن الشمس تطلع في الشتاء من مشرق، وفي الصيف من مشرق غيره; وكذلك المغرب تغرب في مغربين مختلفين، كما قال جلّ ثناؤه: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ).
وذُكر أن هذا قول أحدهما لصاحبه عند لزوم كل واحد منهما صاحبه حتى يورده جهنم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن سعيد الجريري، قال: بلغني أن الكافر إذا بُعث يوم القيامة من قبره، سفع بيده الشيطان، فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حين يقول: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين، فبئس القرين. وأما المؤمن فيوكَّل به ملك فهو معه حتى قال: إما يفصل بين الناس، أو نصير إلى ما شاء الله.
وقوله: (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) أيها العاشون عن ذكر الله في الدنيا (إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ) يقول: لن يخفف عنكم اليوم من عذاب الله اشتراككم فيه، لأن لكل واحد منكم نصيبه منه، و"أنَّ" من قوله (أنَّكُمْ) في موضع رفع لما ذكرت أن معناه: لن ينفعكم اشتراككم.