بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧) }
يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا يا محمد موسى بحججنا إلى فرعون وأشراف قومه، كما أرسلناك إلى هؤلاء المشركين من قومك، فقال لهم موسى: إني رسول رب العالمين، كما قلت أنت لقومك من قريش. إني رسول الله إليكم.
(فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ) يقول: فلما جاء موسى فرعون وملأه بحججنا وأدلتنا على صدق قوله، فيما يدعوهم إليه من توحيد الله والبراءة من عبادة الآلهة، إذا فرعون وقومه مما جاءهم به موسى من الآيات والعبر يضحكون; كما أن قومك مما جئتهم به من الآيات والعبر يسخرون، وهذا تسلية من الله عزّ وجلّ نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عما كان يلقى من مشركي قومه، وإعلام منه له، أن قومه من أهل الشرك لن يعدو أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله، وندب منه نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الاستنان في الصبر عليهم بسنن أولي العزم من الرسل، وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك كسنته في المتمردين عليه قبلهم، وإظفاره بهم، وإعلائه أمره، كالذي فعل بموسى عليه السلام، وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: وما نرى فرعون وملأه آية، يعني: حجته لنا عليه بحقيقة ما يدعوه إليه رسولنا موسى (إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا) يقول: إلا التي نريه من ذلك أعظم في الحجة عليهم وأوكد من التي مضت قبلها من الآيات، وأدل على صحة ما يأمره به موسى من توحيد الله.
وقوله: (وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ) يقول: وأنزلنا بهم العذاب، وذلك كأخذه