وبنحو ذلك كان يقول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة.
وقال بعض نحويي الكوفة، هو من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله. قال: وإن شئت رددته على قوله: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) ؟ وإذا وجه الكلام إلى أنه استفهام، وجب أن يكون في الكلام محذوف استغني بذكر ما ذكر مما ترك ذكره، ويكون معنى الكلام حينئذ: أنا خير أيها القوم من هذا الذي هو مهين، أم هو؟.
وذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك"أما أنا خَيْرٌ".
حدثنا بذلك عن الفرّاء قال: أخبرني بعض المشيخة أنه بلغه أن بعض القرّاء قرأ كذلك، ولو كانت هذه القراءة قراءة مستفيضة في قَرَأة الأمصار لكانت صحيحة، وكان معناها حسنا، غير أنها خلاف ما عليه قرّاء الأمصار، فلا أستجيز القراءة بها، وعلى هذه القراءة لو صحت لا كلفة له في معناها ولا مؤنة.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار. وأولى التأويلات بالكلام إذ كان ذلك كذلك، تأويل من جعل: أم أنا (خَيْرٌ) ؟ من الاستفهام الذي جعل بأم، لاتصاله بما قبله من الكلام، ووجهه إلى أنه بمعنى: أأنا خير من هذا الذي هو مهين؟ أم هو؟ ثم ترك ذكر أم هو، لما في الكلام من الدليل عليه.
وعني بقوله: (مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) : من هذا الذي هو ضعيف لقلة ماله، وأنه ليس له من الملك والسلطان ماله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) قال: ضعيف.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) قال: المهين: الضعيف.