عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: تعدّون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعدّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خمس عشرة مِئة، والحديبية: بئر.
حدثني موسى بن سهل الرملي، ثنا محمد بن عيسى، قال: ثنا مُجَمع بن يعقوب الأنصاري، قال: سمعت أبي يحدّث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد، عن عمه مجمِّع بن جارية الأنصاري، وكان أحد القرّاء الذين قرءوا القرآن، قال: "شهدنا الحديبية مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما انصرفنا عنها، إذا الناس يهزّون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض: ما للناس، قالوا: أوحي إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) فقال رجل: أوَفتح هو يا رسول الله؟ قال: نَعَمْ، والَذِّي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ، قال: فَقُسِّمَت خيبر على أهل الحديبية، لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، وكان الجيش ألفا وخمسمائة، فيهم ثلاث مئة فارس، فقسمها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ثمانية عشر سهما، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما ".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبيّ، قال: "نزلت (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) بالحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصبه في غزوة، أصاب أن بُويع بيعة الرضوان، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وظهرت الروم على فارس، وبلغ الهَدْيُ مَحِله، وأطعموا نخل خبير، وفرح المؤمنون بتصديق النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وبظهور الروم على فارس".
وقوله تعالى (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بإظهاره إياك على عدوّك، ورفعه ذكرك في الدنيا، وغفرانه ذنوبك في الآخرة (وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) يقول: ويرشدك