عَائِدُونَ) يقول: إنكم أيها المشركون إذا كَشَفْتُ عنكم ما بكم من ضرّ لم تفوا بما تعدون وتعاهدون عليه ربكم من الإيمان، ولكنكم تعودون في ضلالتكم وغيكم، وما كنتم قبل أن يكشف عنكم.
وكان قتادة يقول: معناه: إنكم عائدون في عذاب الله.
حدثنا بذلك ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عنه. وأما الذين قالوا: عنى بقوله: (يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) الدخان نفسه، فإنهم قالوا في هذا الموضع: عنى بالعذاب الذي قال (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ) : الدخان.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا) يعني الدخان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا) قال: قد فعل، كشف الدخان حين كان.
قوله (إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) قال: كُشِف عنهم فعادوا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) إلى عذاب الله.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: إنكم أيها المشركون إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم، والضرّ الحالّ بكم، ثم عدتم في كفركم، ونقضتم عهدكم الذي عاهدتم
وقال آخرون: هو خُضرة الزرع.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَالرَّيْحَانُ) يقول: خُضرة الزرع.
وقال آخرون: هو ما قام على ساق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: (الريحان) ما قام على ساق.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي به الرزق، وهو الحبّ الذي يؤكل منه.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لأن الله جلّ ثناؤه أخبر عن الحبّ أنه ذو العصف، وذلك ما وصفنا من الورق الحادث منه، والتبن إذا يبس، فالذي هو أولى بالريحان، أن يكون حبه الحادث منه، إذ كان من جنس الشيء الذي منه العصف، ومسموع من العرب تقول: خرجنا نطلب رَيْحان الله ورزقه، ويقال: سبحانَك وريحانَك: أي ورزقك، ومنه قول النمر بن تَوْلب:

سَلامُ الإله وَرَيْحانُهُ وجَنَّتُهُ وسَماءٌ درَرْ (١)
وذُكر عن بعضهم أنه كان يقول: العصف: المأكول من الحبّ
(١) البيت للنمر بن تولب العكلي (اللسان: روح) وبعده: وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٧٢ من المصورة ٢٦٣٩٠ بجامعة القاهرة) قال: والريحان والحب منه الذي يؤكل، يقال: سبحانك وريحانك: أي رزقك؛ قال النمر بن تولب " سلام الإله... البيت " اهـ. وفي (اللسان: درر) : والدرة في الأمطار أن يتبع بعضها بعضا، وجمعها: درر، وللسحاب درر: أي صب، الجمع: درر؛ قال النمر بن تولب:... البيتين. سماء درر أي: ذات درر. اهـ.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
غَمامٌ يُنَزِّل رِزْقَ العِباد فأحْيا البِلادَ وطَابَ الشَّجَرْ