كما حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبير (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) قال: الكريم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم، فقال بعض نحويِّي البصرة (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) قسم على قوله (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ) وقال بعض نحويِّي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به، وقال: ذكر أنها قضى والله، وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف والله; قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء; قال: ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه، كما قال الشاعر:
قُلْت لَها قفي لَنَا قالَتْ قاف (١)
ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف: أي إني واقفة.
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب، لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد، وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام، وإن، وما، ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا.
وقوله (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما كذّبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محقّ، ولكنهم كذّبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم

(١) في (اللسان: وقف) غير منسوب. وقوله * قلت لها قفي قالت قاف *
بسكون الكاف الفاء: إنما أراد: قد وقفت فاكتفى بذكر القاف. قال ابن جني: ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئا من جملة الحال، فقال مع قوله: قالت قاف، وأمسكت زمام بعيرها، أو عاجته عليها، لكان أبين، لما كانوا عليه، وأدل على أنها أرادت قفي لنا، أي يقول لي قفي لنا! متعجبة منه. وهو إذا شاهدها وقد وقفت علم أن قولها: قاف إجابة لقوله، وتعجب منه في قوله قفي لنا. أهـ. وفي معاني القرآن للفراء (الورقة ٣٠٨) أورد البيت ثم قال: ذكرت القاف من الوقت، أي إني واقفة. أهـ.


الصفحة التالية
Icon