عزّ وجل: (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) لموسى وأخيه، وقال الشاعر:
أَلِكْنِي إلَيْها وَخَيْرُ الرَّسو... ل أعْلَمُهُمْ بِنَوَاحي الخَبَرْ (١)
فجعل الرسول للجمع، فهذا وجه وإن شئت جعلت القعيد واحدا اكتفاء به من صاحبه، كما قال الشاعر:
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وأنْتَ بِمَا... عِنْدَك رَاضٍ والرَّأيُ مُخْتَلِفُ (٢)
ومنه قول الفَرَزدق:
إنّي ضَمِنْتُ لِمَنْ أتانِي ما جَنى... وأَبي فَكانَ وكُنْتُ غَيرَ غَدُورِ (٣)
ولم يقل: غَدُورَيْن.

(١) البيت لأبي ذؤيب (اللسان: رسل) وروايته فيه كرواية المؤلف هنا، وقد نقلها المؤلف عن معاني القرآن للفراء (الورقة ٣٠٩) وفي (اللسان: ألك) : بخبر الرسول. وأعلمهم بهمزة المتكلم في المضارع. وقال في رسل: وفي التنزيل العزيز " إنا رسول رب العالمين " ولم يقل رسل لأن فعولا وفعيلا يستوي فيهما المذكر والمؤنث، والواحد والجمع مثل عدو وصديق. وقول أبي ذؤيب " ألكني إليها.... البيت " أراد بالرسول: الرسل، فوضع الواحد موضع الجمع، وقولهم: كثر الدينار والدرهم لا يريدون به الدينار بعينه، إنما يريدون كثرة الدنانير والدراهم. وفي (اللسان: ألك) : ألكني: أي أبلغ رسالتي، من الألوك والمألكة، وهي الرسالة. وقال الفراء في معاني القرآن عند قوله تعالى " عن اليمين وعن الشمال قعيد ": لم يقل قعيدان: وروي عن ابن عباس قال: قعيدان، عن اليمين عن الشمال، يريد قعود (بضم القاف) وجعل القعيد جمعا، كما تجعل الرسول للقوم وللاثنين، كما قال الله: " إنا رسولا رب العالمين " لموسى وأخيه، وقال الشاعر: " ألكني إليها.... البيت ". أهـ.
(٢) البيت لقيس ابن الخطيم، وقد تقدم الاستشهاد به (١٠: ١٢٢) من هذه الطبعة شرحناه هناك شرحًا مفسرًا فارجع إليه ثمة. (وانظر الكتاب لسيبويه ١: ٣٨).
(٣) البيت للفرزدق (الكتاب لسيبويه طبعة مصر ١: ٣٨) وهو من شواهد النحويين في باب التنازع، فإن قوله كان وكنت يطلب الخبر وهو قوله " غير غدور ". والأصل: وكنت غير غدور. والعرب تحذف في مثل هذا خبر أحد العاملين، اكتفاء بدلالة خبره على المحذوف. وعند البصريين أن الخبر الموجود هو خبر الثاني لا الأول فقد حذف خبره، وهو ظاهر في الشاهد الذي قبل هذا، " نحن بما عندنا... " إلخ (وقال الفراء في معاني القرآن الورقة ٣٠٩ ومثله) أي مثل الشاهد الذي قبله، قول الفرزدق: " إني ضمنت... البيت "، ولم يقل غدورين. وقد نقل المؤلف كلامه.


الصفحة التالية
Icon