وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي، القول الذي قاله مجاهد، لأن الله عمّ الخبر بقوله (وَمَا تُوعَدُونَ) عن كلّ ما وعدنا من خير أو شرّ، ولم يخصص بذلك بعضا دون بعض، فهو على عمومه كما عمه الله جلّ ثناؤه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) ﴾
يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض، إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ، كما حقّ أنكم تنطقون.
وقد حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن، في قوله (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال: بلغني أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه" وقال الفرّاء: للجمع بين "ما" و"إنّ" في هذا الموضع وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات، كقول الشاعر في الأسماء:
مِنَ النَّفَرِ اللائِي الَّذِينَ إذَا هُمُ | يَهابُ اللِّئامُ حَلْقَةَ الباب قَعْقَعُوا (١) |