وقوله (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ) يقول جل ثناؤه: ولا تجعلوا أيها الناس مع معبودكم الذي خلقكم معبودًا آخر سواه، فإنه لا معبود تصلح له العبادة غيره (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) يقول: إني لكم أيها الناس نذير من عقابه على عبادتكم إلها غيره، مبين قد أبان لكم النذارة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: كما كذبت قريش نبيها محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقالت: هو شاعر، أو ساحر أو مجنون، كذلك فعلت الأمم المكذّبة رسلها، الذين أحلّ الله بهم نقمته، كقوم نوح وعاد وثمود، وفرعون وقومه، ما أتى هؤلاء القوم الذين ذكرناهم من قبلهم، يعني من قبل قريش قوم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من رسول إلا قالوا: ساحر أو مجنون، كما قالت قريش لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقوله (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) يقول تعالى ذكره: أأوصى هؤلاء المكذّبين من قريش محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على ما جاءهم به من الحق أوائلهم وآباؤهم الماضون من قبلهم، بتكذيب محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقبلوا ذلك عنهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) قال: أوصى أولاهم أخراهم بالتكذيب.


الصفحة التالية
Icon