يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه في جنات: يقول في بساتين ونعيم فيها، وذلك في الآخرة.
وقوله: (فَاكِهِينَ) يقول: عندهم فاكهة كثيرة، وذلك نظير قول العرب للرجل يكون عنده تمر كثير: رجل تامر، أو يكون عنده لبن كثير، فيقال: هو لابن، كما قال الحُطَيئة:
أَغَرَرْتَني وَزَعمْتَ أنَّك | لابنٌ في الصَّيف تامِرْ (١) |
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: كلوا واشربوا، يقال لهؤلاء المتقين في الجنات: كلوا أيها القوم مما آتاكم ربكم، واشربوا من شرابها هنيئا، لا تخافون مما تأكلون وتشربون فيها أذى ولا غائلة بما كنتم تعملون في الدنيا لله من الأعمال.
وقوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) قد جعلت صفوفا، وترك قوله: على نمارق، اكتفاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه.
(١) البيت للحطيئة (ديوانه ١٧). واستشهد به المؤلف على أن معنى قوله تعالى (فاكهين بما آتاهم ربهم) أي عندهم فاكهة كثيرة، وهو مثل قوله الحطيئة " لابن " و " تامر " أي ذو لبن وذو تمر، أي عندك منهما في الصيف كثير. وقال السكري في شرح الديوان: يعني أنك غررتني، وزعمت أنك تطعمني التمر واللبن، فقنعت بهما، فلم تفعل أ. هـ. يمدح بغيضا ويهجو الزبرقان. وقد تقدم الاستشهاد بالبيت في الجزء (٢٣: ١٩) وشرحناه بأوسع من شرحه هنا، فراجعه ثمة.