يقول تعالى ذكره: وأمددنا هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسوله، واتبعتهم ذريتهم بإيمان في الجنة، بفاكهة ولحم مما يشتهون من اللحمان.
وقوله: (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا) يقول: يتعاطون فيها كأس الشراب، ويتداولونها بينهم، كما قال الأخطل:

نَازَعْتُهُ طَيِّبَ الرَّاح الشَّمول وقَدْ صَاحَ الدَّجاجُ وحَانَتْ وَقْعَةُ السَّاري (١)
وقوله (لا لَغْوٌ فِيهَا) يقول: لا باطل في الجنة، والهاء في قوله "فيها" من ذكر الكأس، ويكون المعنى لما فيها الشراب بمعنى: أن أهلها لا لغو عندهم فيها ولا تأثيم، واللغو: الباطل.
وقوله: (وَلا تَأْثِيمٌ) يقول: ولا فعل فيها يُؤْثم صاحبه. وقيل: عنى بالتأثيم: الكذب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لا لَغْوٌ فِيهَا) يقول: لا باطل فيها.
وقوله: (وَلا تَأْثِيمٌ) يقول: لا كذب.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لا لَغْوٌ فِيهَا) قال: لا يستبون (وَلا تَأْثِيمٌ) يقول: ولا يؤثمون.
حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لا
(١) البيت للأخطل وهو من شواهد أبي عبيدة في معاني القرآن (الورقة ٢٢٩) قال: " يتنازعون فيها كأسا ": يتعاطون أي يتداولون قال الأخطل: " نازعته... البيت " أ. هـ. وفي (اللسان: نزع) : ومنازعة الكأس: معاطاتها؛ قال الله عز وجل (يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم) : أي يتعاطون. والأصل فيه: يتجاذبون، ويقال: نازعني فلان بنانه: أي صافحني. والمنازعة المصافحة؛ قال الراعي:
ينُازِعْنَنا رَخْصَ البنانِ كأنَّمَا يُنَنازِعْننا هُدّابَ رَيْطٍ مُعَضّدٍ
المنازعة: المجاذبة في الأعيان والمعاني أ. هـ.


الصفحة التالية
Icon