واختلف أهل العربية في وجه الوقف على اللات ومنات، فكان بعض نحويّي البصرة يقول: إذا سكت قلت اللات، وكذلك مناة تقول: مناتْ.
وقال: قال بعضهم: اللاتّ، فجعله من اللتّ؛ الذي يلت ولغة للعرب يسكتون على ما فيه الهاء بالتاء يقولون: رأيت طَلْحتْ، وكلّ شيء مكتوب بالهاء فإنها تقف عليه بالتاء، نحو نعمة ربك وشجرة. وكان بعض نحويّي الكوفة يقف على اللات بالهاء "أفَرأيْتُمُ اللاة" وكان غيره منهم يقول: الاختيار في كل ما لم يضف أن يكون بالهاء رحمة من ربي، وشجرة تخرج، وما كان مضافا فجائزا بالهاء والتاء، فالتاء للإضافة، والهاء لأنه يفرد ويوقف عليه دون الثاني، وهذا القول الثالث أفشى اللغات وأكثرها في العرب وإن كان للأخرى وجه معروف. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: اللات والعزّى ومناة الثالثة: أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها.
وقوله (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى) يقول: أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم (تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى) يقول جلّ ثناؤه: قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية، ناقصة غير تامة، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه، والعرب تقول: ضزته حقه بكسر الضاد، وضزته بضمها فأنا أضيزه وأضوزه، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته وحُدثت عن معمر بن المثنى قال: أنشدني الأخفش:

فإنْ تَنْأَ عَنَّا نَنْتَقصْكَ وَإنْ تَغِبْ فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وأنْفُك رَاغِمُ (١)
(١) رواية البيت في " اللسان، ضأز ": " وإن تقم " في مكان " وإن تغب ". قال: ابن الأعرابي تقول العرب: قسمة ضؤزى بالضم والهمز؛ وضوزى، بالضم بلا همز؛ وضئزي، بالكسر والهمز؛ وضيزي، بالكسر، وترك الهمز؛ قال: ومعناها كلها الجور. وفي (اللسان: ضيز) : ضاز في الحكم: أي جار. وضازه حقه يضيزه ضيزا: نقصه وبخسه ومنعه. وضزت فلانا أضيزه ضيزا: جرت عليه. وضاز يضيز: إذا جار. وقد يهمز فيقال: ضأزه يضأزه ضأزا.
وفي التنزيل العزيز: (تلك إذا قسمة ضيزى)، وقسمة ضيزى وضوزى أي جائرة. وقد نقل المؤلف كلام الفراء بتمامه في معاني القرآن (الورقة ٣١٦)، فنكتفي بالإشارة إليه. ولخص القرطبي كلام النحويين في ضيزى تلخيصا حسنًا في (١٧: ١٠٣) فراجعه ثمة.


الصفحة التالية
Icon