المقاربة للشيء، ذكر الفرّاء أنه سمع العرب تقول: ضربه ما لمم القتل (١) يريدون ضربا مقاربا للقتل. قال: وسمعت من آخر: ألمّ يفعل في معنى: كاد يفعل.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ (إِنَّ رَبَّكَ) يا محمد (وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) : واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم. وإنما أعلم جلّ ثناؤه بقوله هذا عباده أنه يغفر اللمم بما وصفنا من الذنوب لمن اجتنب كبائر الإثم والفواحش.
كما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) قد غفر ذلك لهم.
وقوله (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ) يقول تعالى ذكره: ربكم أعلم بالمؤمن منكم من الكافر، والمحسن منكم من المسيء، والمطيع من العاصي، حين ابتدعكم من الأرض، فأحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها، وحين أنتم أجنة في بطون أمهاتكم، يقول: وحين أنتم حمل لم تولدوا منكم، وأنفسكم بعدما (٢) صرتم رجالا ونساء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأول.
(٢) كذا وردت هذه العبارة الأخيرة في الأصل، وهي غامضة من أول قوله " منكم وأنفسكم... إلخ " ولعل صوابها: فلا تزكوا أنفسكم بعد ما صرتم رجالا ونساء.