ابن عباس (أَزِفَتِ الآزِفَةُ) من أسماء يوم القيامة، عظَّمه الله، وحذره عباده.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قالا ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (أَزِفَتِ الآزِفَةُ) قال: اقتربت الساعة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (أَزِفَتِ الآزِفَةُ) قال: الساعة. (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ).
وقوله: (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) يقول تعالى ذكره: ليس للآزفة التي قد أزفت، وهي الساعة التي قد دنت من دون الله كاشف، يقول: ليس تنكشف فتقوم إلا بإقامة الله إياها، وكشفها دون من سواه من خلقه، لأنه لم يطلع عليها مَلَكا مقرّبا، ولا نبيا مرسلا. وقيل: كاشفة، فأنثت، وهي بمعنى الانكشاف; كما قيل: (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) بمعنى: فهل ترى لهم من بقاء; وكما قيل: العاقبة وماله من ناهية، وكما قيل (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) بمعنى تكذيب، (وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) بمعنى خيانة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢) ﴾
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش: أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون، أنْ نزلَ على محمد صلى الله عليه وسلم، وتضحكون منه استهزاءً به، ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله، وأنتم من أهل معاصيه (وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبر والذكر، معرضون عن آياته; يقال للرجل: دع عنا سُمودَك، يراد به: دع عنا لهوك، يقال منه: سَمَدَ فلان يَسْمُد سُمُودا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة


الصفحة التالية
Icon