وقال آخرون: بل كان زجرهم إياه وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين، وقرأ (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ).
وقوله (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني، تمرّدوا وعتوا، ولا طاقة لي بهم، فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) ﴾
يقول تعالى ذكره (فَفَتَحْنَا) لما دعانا نوح مستغيثا بنا على قومه (أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) وهو المندفق، كما قال امرؤ القيس في صفة غيث:

رَاحَ تَمْريه الصبا ثُمَّ انْتَحَى فِيهِ شُؤْبُوبُ جنوبٍ مُنْهَمِرْ (١)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(١) البيت لامرئ القيس بن حجر، من مقطوعة في ثمانية أبيات يصف فيها غيثا: (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ١١٠ - ١١١) قال شارحه: راح: عاد السحاب بالمطر آخر النهار. وتمريه: تستدبره، وأصله من مرى الضرع، وهو مسحه باليد ليدر، والسحاب حين تضربه ريح الصبا الباردة، يتجمع ويتكاثف، فيسقط مطرا، ثم جاءت الجنوب عندهم محملة بالأمطار من بحر الهند، فأضافت إلى هذا السحاب شؤبوبا آخر جنوبيًّا، فتضاعف المطر وانهمر انهمارًا. أ. هـ. وموضع الشاهد في البيت: أن المنهمر في قوله تعالى: " بماء منهمر " معناه: المتدفق. الشديد الانصباب أ. هـ.


الصفحة التالية
Icon