المعنى، وإلى هذا المعنى وجه تأويل ذلك جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ) قال: المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن، والكافر في الدنيا والآخرة كافر.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الحسن، عن شيبان، عن ليث، في قوله (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ) قال: بعث المؤمن مؤمنا حيا وميتا، والكافر كافرًا حيًا وميتًا.
وقد يحتمل الكلام إذا قُرئ سواء رفعا وجها آخر غير هذا المعنى الذي ذكرناه عن مجاهد وليث، وهو أن يوجه إلى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم والمؤمنين سواء في الحياة والموت، بمعنى: أنهم لا يستوون، ثم يرفع سواء على هذا المعنى، إذ كان لا ينصرف، كما يقال: مررت برجل خير منك أبوه، وحسبك أخوه، فرفع حسبك، وخير إذ كانا في مذهب الأسماء، ولو وقع موقعهما فعل في لفظ اسم لم يكن إلا نصبا، فكذلك قوله: (سواءٌ). وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (سَوَاءٌ) نصبا، بمعنى: أحسبوا أن نجعلهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما أهل العلم بالقرآن صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله (سَوَاءٌ) ورفعه، فقال بعض نحويي البصرة (سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ) رفع. وقال بعضهم: إن المحيا والممات للكفار كله، قال (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) ثم قال سواء محيا الكفار ومماتهم: أي محياهم محيا سواء،