وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فحذفت الفاء، إذ كان الفعل الذي هو في جواب أمَّا محذوفا، وهو فيقال، وذلك أن معنى الكلام: فأما الذين اسودّت وجوههم فيقال لهم: أكفرتم، فلما أسقطت، يقال الذي به تتصل الفاء سقطت الفاء التي هي جواب أمَّا.
وقوله (فَاسْتَكْبَرْتُمْ) يقول: فاستكبرتم عن استماعها والإيمان بها (وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ) يقول: وكنتم قوما تكسبون الآثام والكفر بالله، ولا تصدّقون بمعاد، ولا تؤمنون بثواب ولا عقاب.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: ويقال لهم حينئذ: (وَإِذَا قِيلَ لَكُمُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) الذي وعد عباده، أنه محييهم من بعد مماتهم، وباعثهم من قبورهم (حَقٌّ وَالسَّاعَةُ) التي أخبرهم أنه يقيمها لحشرهم، وجمعهم للحساب والثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية، آتية (لا رَيْبَ فِيهَا) يقول: لا شكَ فيها، يعني في الساعة، والهاء في قوله (فِيهَا) من ذكر الساعة. ومعنى الكلام: والساعة لا ريب في قيامها، فاتقوا الله وآمنوا بالله ورسوله، واعملوا لما ينجيكم من عقاب الله فيها (قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) تكذيبا منكم بوعد الله جلّ ثناؤه، وردًا لخبره، وإنكارًا لقُدرته على إحيائكم من بعد مماتكم.
وقوله (إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا) يقول: وقلتم ما نظنّ أن الساعة آتية إلا ظنا (وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أنها جائية، ولا أنها كائنة.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة و (السَّاعَةُ) رفعا على الابتداء. وقرأته


الصفحة التالية
Icon