وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال: أحد يأثر علما.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو ببينة من الأمر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) يقول: ببينة من الأمر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ببقية من علم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: سُئل أَبو بكر، يعني ابن عياش عن (أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال: بقية من علم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الأثارة: البقية من علم، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، وهي مصدر من قول القائل: أثر الشيء أثارة، مثل سمج سماجة، وقبح قباحة، كما قال راعي الإبل:

وذاتِ أثارةٍ أكَلَتْ عَلَيْها [نَبَاتًا فِي أكمِتِهِ قَفَارا] (١)
يعني: وذات بقية من شحم، فأما من قرأه (أَوْ أَثَرَةٍ) فإنه جعله أثرة من الأثر،
(١) هذا بيت من قصيدة للراعي، مدح بها سعد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، عدتها سبعة وخمسون بيتا. وقوله " ذات آثارة " أي رب ناقة ذات سمن. والأثارة، بفتح الهمزة: شحم متصل بشحم آخر، ويقال هي بقية من الشحم العتيق، يقال: سمنت الناقة على أثارة، أي على بقية شحم. وأكمته: غلفه، جمع كمام، وهو جمع كم بكسر الكاف، وهو غطاء النور وغلافه. وقفارًا وقفارة: وصف للنبات: أي رعته خاليًا لها من مزاحمة غيرها في رعيه. وأصله من قولهم طعام قفار: أي أكل بلا إدام. (انظر خزانة الأدب الكبرى للبغدادي ٤: ٢٥١) واستشهد بالبيت أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢٢٢). عند قوله تعالى: " أو أثارة من علم " أي بقية من شحم أكلت عليه. ومن قال: " أثرة " فهو مصدر أثره يأثره: يذكره. وفي (اللسان: أثر) : وأثرة العلم وأثرته وأثارته، بقية منه تؤثر فتذكر. وقال الزجاج أثاره: في معنى علامة. ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم ونسب البيت للشماخ.


الصفحة التالية
Icon