حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) متراكم، لأنهم يعجبون بوجّ وظلاله من طلحة وسدره.
وقوله: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) يقول: وهم في ظلّ دائم لا تنسخه الشمس فتذهبه، وكل ما لا انقطاع له فإنه ممدود، كما قال لبيد:
غَلَبَ البَقاءَ وكنْتُ غَيْرَ مُغَلَّبَ دَهْرٌ طَوِيلٌ دائم مَمْدُودُ (١)
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار، وقال به أهل العلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قال: خمس مئة ألف سنة.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد مولى بني مخزوم، عن أبي هريرة، قال: " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام، اقرءوا إن شئتم (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) فبلغ ذلك كعبا، فقال: صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى، والفرقان على لسان محمد، لو أن رجلا ركب حُقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها، حتى يسقط هَرِما، إن الله غرسها بيده، ونفخ فيها من روحه، وإن أفنانها لمن وراء سور الجنة وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة".
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد مولى لبني مخزوم، أنه سمع أبا هريرة يقول: ثم ذكر نحوه، إلا أنه قال: وما في الجنة من نهر.

(١) البيت للبيد نسبه إليه أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٧٥ - ب) وفي روايته: " الغراء" في موضع " البقاء" في رواية المؤلف. يقول: غلب الدهر الطويل البقاء في الدنيا ولم يكن شيء ليغلبني غير الدهر. أنشده أبو عبيدة عند قوله تعالى " وظل ممدود" قال: أي لا تنسخه الشمس، دائم. يقال للدهر الممدود والعيش إذا كان لا ينقطع. قال لبيد: "غلب البقاء... البيت ".


الصفحة التالية
Icon