ثلاث مرّات لكلّ بصري، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينا؟ " قال: لا والله، إلا أن تعينني على ذلك بعون وصلاة، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنّي مُعِينُكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعا، وأنا دَاعٍ لَكَ بالبَرَكَةِ، فأصلح ذلك بينهما.
قال: وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان مُوسرا، لا يكفر عنه إلا تحرير رقبة إذا كان موسرا، من قبل أن يتماسا، فإن لم يكن موسرا فصيام شهرين متتابعين، لا يصلح له إلا الصوم إذا كان معسرا، إلا أن لا يستطيع، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وذلك كله قبل الجماع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي معشر المدني، عن محمد بن كعب القرظِّي، قال: كانت "خولة ابنة ثعلبة تحت أوس بن الصامت، وكان رجلا به لمم، فقال في بعض هجراته (١) أنت عليّ كظهر أمي، ثم ندم على ما قال، فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت عليّ، قالت: لا تقل ذلك، فو الله ما أحبّ الله طلاقا. قالت: ائت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فسله، فقال: إني أجدني أستحي منه أن أسأله عن هذا، فقالت: فدعني أن أسأله، فقال لها: سليه؛ فجاءت إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالت: يا نبيّ الله إن أوس بن الصامت أبو ولدي، وأحبّ الناس إليّ، قد قال كلمة، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا، قال: أنت عليّ كظهر أمي، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ما أرَاكِ إلا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ، قالت: لا تقل ذلك يا نبيّ الله، والله ما ذكر طلاقا، فرادّت النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مرارا، ثم قالت: اللهمّ إني أشكو اليوم شدّة حالي ووحدتي، وما يشقّ عليّ من فراقه، اللهمّ فأنزل على لسان نبيك، فلم ترم (٢) مكانها، حتى أنزل الله (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ)، إلى أن ذكر الكفارات، فدعاه النبيّ

(١) الهجرة، بكسر الهاء: اسم من الهجر بفتحها، وهو صرمه لزوجه.
(٢) لم ترم مكانها: لم تبرحه. رام المكان يريمه: من باب ضرب


الصفحة التالية
Icon