الْكَاذِبُونَ (١٨) }
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين ذكرهم هم أصحاب النار، يوم يبعثهم الله جميعًا، فيوم من صلة أصحاب النار. وعُني بقوله: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا) من قبورهم أحياء كهيئاتهم قبل مماتهم، فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (فَيَحْلِفُونَ لَهُ) قال: إن المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا) الآية، والله حالف المنافقون ربهم يوم القيامة، كما حالفوا أولياءه في الدنيا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب البكري، عن سعيد بن جُبَير، قال: كان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في ظلّ حجرة قد كاد يَقْلِصُ عنه الظلّ، فقال: "إنَّهُ سيَأتِيكُمْ رَجُلٌ، أو يَطْلُعُ رَجُلٌ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ فَلا تُكَلِّمُوهُ" فلم يلبث أن جاء، فاطلع فإذا رجل أزرق، فقال له: "عَلام تَشْتُمُنِي أَنْت وَفُلانٌ وَفُلانٌ "؟ قال: فذهب فدعا أصحابه، فحلفوا ما فعلوا، فنزلت: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ).
وقوله: (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ) يقول: ويظنون أنهم في أيمانهم وحلفهم بالله كاذبين على شيء من الحقّ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ) فيما يحلفون عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩) ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ) غلب عليهم الشيطان (فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ) يعني جنده وأتباعه (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ


الصفحة التالية
Icon