التي قبلها، وذلك أن الآية التي قبلها مال جعله الله عزّ وجلّ لرسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصة دون غيره، لم يجعل فيه لأحد نصيبًا، وبذلك جاء الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: أرسل إليّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدخلت عليه، فقال: إنه قد حضر أهل أبيات من قومك وإنا قد أمرنا لهم برضخ، فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين مر بذلك غيري، قال: اقبضه أيها المرء فبينا أنا كذلك، إذ جاء يرفأ مولاه، فقال: عبد الرحمن بن عوف، والزبير، وعثمان، وسعد يستأذنون، فقال: ائذن لهم؛ ثم مكث ساعة، ثم جاء فقال: هذا عليّ والعباس يستأذنان، فقال: ائذن لهما؛ فلما دخل العباس قال: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الغادر الخائن الفاجر، وهما جاءا يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أعمال بني النضير، فقال القوم: اقض بينهما يا أمير المؤمنين، وأرح كلّ واحد منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتهما، فقال: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض، أتعلمون أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "لا نُورَثُ ما تَرَكْنَاهْ صَدَقَةٌ" قالوا: قد قال ذلك؛ ثم قال لهما: أتعلمان أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال ذلك؟ قالا نعم؛ قال: فسأخبركم بهذا الفيء، إن الله خصّ نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بشيء لم يعطه غيره، فقال: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) فكانت هذه لرسول الله ﷺ خاصة، فوالله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها دونكم، ولقد قسمها عليكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ينفق على أهله منه سنتهم، ثم يجعل ما بقي في مال الله، فإذَا كانت هذه الآية التي قبلها مضت، وذكر المال الذي خصّ الله به رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولم يجعل لأحد معه شيئًا، وكانت هذه الآية خبرًا عن المال الذي جعله الله لأصناف شتى، كان معلومًا بذلك أن المال الذي جعله لأصناف من خلقه غير المال الذي