* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) من قريظة جعلها لمهاجرة قريش.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، قالا كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحجّ عليها ويغزو، فنسبهم الله إلى أنهم فقراء، وجعل لهم سهمًا في الزكاة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ)... إلى قوله: (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) قال: هؤلاء المهاجرون تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر، خرجوا حبًا لله ولرسوله، واختاروا الإسلام على ما فيه من الشدّة، حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها.
وقوله: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ)، وقوله: (يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) موضع يبتغون نصب، لأنه في موضع الحال؛ وقوله: (وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) يقول: وينصرون دين الله الذي بعث به رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقوله: (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) يقول: هؤلاء الذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩) ﴾