من أصداف البحر من الحبّ، وأما المرجان، فإني رأيت أهل المعرفة بكلام العرب لا يتدافعونه أنه جمع مرجانة، وأنه الصغار من اللؤلؤ. قد ذكرنا ما فيه من الاختلاف بين متقدمي أهل العلم، والله أعلم بصواب ذلك.
وقد زعم بعض أهل العربية، أن اللؤلؤ والمرجان يخرج من أحد البحرين، ولكن قيل: يخرج منهما، كما يقال أكلت خبزا ولبنا، وكما قيل:
وَرأيْتُ زَوْجَكِ فِي الوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفا وَرُمْحا (١)
وليس ذلك كما ذهب إليه، بل ذلك كما وصفت من قبل من أن ذلك يخرج من أصداف البحر، عن قطر السماء، فلذلك قيل: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ) يعني بهما: البحران.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن سفيان بن جبير، عن ابن

(١) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة ٣٢٣). وقد سبق استشهاد المؤلف به أكثر من مرة، فارجع إليه في الأجزاء (٣: ٢٧٥، ٦: ٢٨١، ٧: ٢٩٤، ٩: ٢٠٠، ١١: ١٤٢ وشرحه مستوفي في الجزأين ٣، ١١). وأنشده الفراء هنا عند قوله تعالى: (وحور عين) وقال: خفضها أصحاب عبد الله (ابن مسعود) وهو وجه العربية، وإن كان أكثر القراء على الرفع؛ لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن، فرفعوا على قولك: ولهم حور عين، أو عندهم حور عين. والخفض على أن يتبع آخر الكلام بأوله، وإن لم يحسن في آخره ما حسن في أوله، أنشدني بعض العرب:فالعين لا تزجج، إنما تكحل، فردها على الحواجب، لأن المعنى يعرف. وأنشدني آخر:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
" ولقيت زوجك في الوغى البيت "، والرمح لا يتقلد، فرده على السيف. اهـ.