قوله: (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) قال: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة كان يطعم المساكين منها، فلما مات أبوهم، قال بنوه: والله إن كان أبونا لأحمق حين يُطعم المساكين، فاقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكينا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ) قال: كانت الجنة لشيخ، وكان يتصدَّق، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدَّق بالفضل؛ فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا: (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ).
وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا)... الآية، قال: كانوا من أهل الكتاب، والصرم: القطع، وإنما عنى بقوله: (لَيَصْرِمُنَّهَا) لَيَجُدُّنّ ثمرتها؛ ومنه قول امرئ القيس:
صَرَمَتْكَ بَعْدَ ما تَوَاصُلٍ دَعْدُ وَبَدا لِدَعْدٍ بعضُ ما يَبْدُو (١)
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) ﴾
يقول تعالى ذكر.: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلا طارق من أمر الله وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقد يقولون: أطفت بها نهارا.

(١) نسب المؤلف البيت إلى امرئ القيس، ولم أجده في مختار الشعر الجاهلي، ولا في العقد السمين، ولعله لغير امرئ القيس بن حجر الكندي من المراقسة. أنشده المؤلف شاهدا على أن الصرم في قوله تعالى: (ليصرمنها) بمعنى: القطع. وفي (اللسان: صرم) الصرم: القطع البائن. وعم به بعضهم القطع أي نوع كان. اهـ


الصفحة التالية
Icon