* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد (لَوْلا تُسَبِّحُونَ) قال: بلغني أنه الاستثناء.
قال ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) قال: يقول: تستثنون، فكان التسبيح فيهم الاستثناء.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنة: (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنتنا.
وقوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم.
وقوله: (يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ) يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا) بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ) يقول: إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلَكت خيرا منها.
قوله تعالى ذكره (كَذَلِكَ الْعَذَابُ) يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ) يعني عقوبة الآخرة