الحسوم: التباع، إذا تتابع الشيء فلم ينقطع أوّله عن آخره قيل فيه حسوم؛ قال: وإنما أخذوا والله أعلم من حسم الداء: إذا كوى صاحبه، لأنه لحم يكوى بالمكواة، ثم يتابع عليه.
وقوله: (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى) يقول: فترى يا محمد قوم عاد في تلك السبع الليالي والثمانية الأيام الحسوم صرعى، قد هلكوا، (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) يقول: كأنهم أصول نخل قد خوت.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) : وهي أصول النخل.
وقوله: (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فهل ترى يا محمد لعاد قوم هود من بقاء. وقيل: عُنِي بذلك: فهل ترى منهم باقيا. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من البصريين يقول: معنى ذلك: فهل ترى لهم من بقية، ويقول: مجازها مجاز الطاغية مصدر.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (١٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ) مصر. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَمِنْ قَبْلِهِ)، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ومكة خلا الكسائي (وَمِنْ قَبْلِهِ) بفتح القاف وسكون الباء، بمعنى: وجاء من قبل فرعون من الأمم المكذّبة بآيات الله، كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط بالخطيئة. وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة والكسائي (وَمَنْ قِبَلِهِ) بكسر القاف وفتح الباء، بمعنى: وجاء مع فرعون من أهل بلده مصر من القبط.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ) يقول: والقرى التي أتفكت بأهلها فصار