وكما قال الأعشى:
إذَا ما السَّرَابُ ارْتَدَى بالأكَمْ (١)
وإنما يرتدي الأكم بالسراب وما أشبه ذلك، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفة السامعين معناه، وإنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله.
وقوله: (إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ) يقول: افعلوا ذلك به جزاء له على كفره بالله في الدنيا، إنه كان لا يصدّق بوحدانية الله العظيم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) ﴾

(١) هذا عجز بيت لأعشى بني قيس ثعلبة، من قصيدة له، يمدح بها قيس بن معد يكرب (٣٥) وما بعدها، ورواية البيت كله كما في الديوان: غَضُوبٌ مِنَ السَّيْفِ زَيَّافَة........ إذا ما ارْتَدَى بالسَّرابِ الأكَمْ
على رواية المؤلف يكون في البيت قلب؛ لأن المعنى: إذا ارتدى الأكم بالسراب، كما في رواية الديوان. وأما على رواية الديوان فلا قلب. وقد جعل المؤلف على روايته القلب في البيت نظير ما في قوله تعالى: (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه) قال: تسلك السلسلة في فيه، كما قالت العرب: أدخلت رأسي في القلنسوة، وإنما تدخل القلنسوة في الرأس. وإنما قيل ذلك كذلك؛ لمعرفة السامعين معناه، وأنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله. اهـ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا (٣٥) وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئُونَ (٣٧) ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عن هذا الشقيّ الذي أوتي كتابه بشماله: إنه كان في الدنيا لا يحضُّ الناس على إطعام أهل المسكنة والحاجة.
وقوله: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ) يقول جلّ ثناؤه: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ) وذلك يوم القيامة، (هَاهُنَا) يعني في الدار الآخرة، (حَمِيم)، يعني قريب يدفع عنه، ويغيثه مما هو فيه من البلاء.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ) القريب في كلام العرب، (وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ) يقول جلّ ثناؤه: ولا له طعام كما كان لا يحضّ في الدنيا على طعام المسكين، إلا طعام


الصفحة التالية
Icon