حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ) كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلا يقولون: نعوذ بأعزّ أهل هذا المكان.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ) قال: كانوا يقولون: فلان من الجنّ ربّ هذا الوادي، فكان أحدهم إذا دخل الوادي يعوذ بربّ الوادي من دون الله، قال: فيزيده بذلك رهقا، وهو الفرَق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال كان الرجل في الجاهلية إذا نزل بواد قبل الإسلام قال: إن أعوذ بكبير هذا الوادي، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.
وقوله: (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فزاد الإنس بالجن باستعاذتهم بعزيزهم، جراءة عليهم، وازدادوا بذلك إثما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) فزادهم ذلك إثما.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال، قال الله: (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) : أي إثما، وازدادت الجنّ عليهم بذلك جراءة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) يقول: خطيئة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال: فيزدادون عليهم جراءة.
قال ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال ازدادوا عليهم جراءة.
وقال آخرون: بل عني بذلك أن الكفار زادوا بذلك طغيانا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نحيح، عن مجاهد، قوله: (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال: زاد الكفار طغيانا.
وقال آخرون: بل عني بذلك فزادوهم فَرَقا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال: فيزيدهم ذلك رهقا، وهو الفرق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) قال: زادهم الجنّ خوفا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فزاد الإنس الجنّ بفعلهم ذلك إثما، وذلك زادوهم به استحلالا لمحارم الله. والرهق في كلام العرب: الإثم وغِشيان المحارم؛ ومنه قول الأعشى:
لا شَيْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِها هلْ يَشْتَفِي وَامِقٌ ما لم يُصِبْ رَهَقا (١)