لما قام محمد رسول الله ﷺ يدعو الله يقول: " لا إله إلا الله" (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) يقول: كادوا يكونون على محمد جماعات بعضها فوق بعض، واحدها لبدة، وفيها لغتان: كسر اللام لِبدة، ومن كسرها جمعها لِبَد؛ وضم اللام لُبدة، ومن ضمها جمعها لُبَد بضم اللام، أو لابِد؛ ومن جمع لابد قال: لُبَّدًا، مثل راكع وركعا، وقراء الأمصار على كسر اللام من لِبَد، غير ابن مُحَيْصِن فإنه كان يضمها، وهما بمعنى واحد، غير أن القراءة التي عليها قرّاء الأمصار أحبّ إليّ، والعرب تدعو الجراد الكثير الذي قد ركب بعضه بعضًا لُبْدَةً؛ ومنه قول عبد مناف بن ربعيّ الهذلي:
صَابُوا بسِتَّةِ أبْياتٍ وأرْبَعَةٍ حتى كأنَّ عليهِمْ جابِيًا لُبَدَا (١)
والجابي: الجراد الذي يجبي كل شيء يأكله.
واختلف أهل التأويل في الذين عنو في بقوله:: (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) فقال بعضهم: عني بذلك الجنّ أنهم كادوا يركبون رسول الله ﷺ لما سمعوا القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) يقول: لما سمعوا النبيّ ﷺ يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم حتى أتاه الرسول، فجعل يقرئه: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ).
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) كادوا يركبونه حرصا على ما سمعوا منه من القرآن.