ورفعت فأسمعت الأقصى.
* ذكر من قال في ذلك ما قلنا:
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العَتَكِيّ، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) قال: الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) يقول: تخللت كلّ سهل وجبل، حتى أسمعت القريب والبعيد، ثم رفعت أقواما في كرامة الله، وخفضت أقواما في عذاب الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) وقال: أسمعت القريب والبعيد، خافضة أقواما إلى عذاب الله، ورافعة أقواما إلى كرامة الله.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قوله: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) قال: خفضت وأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى؛ قال: فكان القريب والبعيد من الله سواء.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) قال: سمَّعت القريب والبعيد.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى، فكان فيها القريب والبعيد سواء.
وقوله: (إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا) يقول تعالى ذكره: إذا زلزلت الأرض فحرّكت تحريكا من قولهم السهم يرتجّ في الغرض، بمعنى: يهتزّ ويضطرب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا) يقول: زلزلها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قول الله (إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا) قال: زلزلت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا) يقول: زلزلت زلزلة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا) قال: زلزلت زلزالا.
وقوله: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا) يقول تعالى ذكره: فتتت الجبال فتا، فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول، كما قال جلّ ثناؤه: (وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلا) والبسيسة عند العرب: الدقيق والسويق تلتّ وتتخذ زادا.
وذُكر عن لصّ من غطفان أنه أراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجينا، وقال:
لا تَخْبِزَا خَبْزًا وبُسَّا بَسَّا مَلْسا بِذَوْدِ الحَلَسِيّ مَلْسا (١)
وأنشد في "ملس" البيت الثاني قال: والملس: السوق الشديد. يقال ملست بالإِبل أملس (من باب قتل) ملسا: إذا سقتها سوقا في خفية، قال الراجز: * ملسا يذود الحلسي ملسا *
وقال ابن الأعرابي الملس: ضرب من السير الرقيق. والملس: اللين من كل شيء. اهـ.
وأنشده الفراء في معاني القرآن البيتين كرواية المؤلف. وقال (الورقة ٣٢٢) :" وبست الجبال بسا ": صارت كالدقيق، وذلك قوله " وسيرت الجبال ". وسمعت العرب تنشد: "لا تخبزا خبزا... البيتين ". والبسيسة عندهم: الدقيق أو السويق، يليت ويتخذ زادا. اهـ. وفي النوادر لأبي زيد (بيروت ١١) :
مَلْسا بِذَوْدِ الحُمَسِيَّ مَلْسا | مِنْ غَنْوَةٍ حتى كَانَّ الشَّمْسا |
قال أبو زيد: الملس: السير الشديد. قال أبو حاتم: وأقول أنا لا عن أبي زيد: الملس السير السريع السهل. وقوله " تطلى ورسا قد اصفرت للغروب ". اهـ.