فرفع الصَّيِّبُ لأنه لم يرد أن يسمى بالصَّيب، إنما الصَّيب من صفة الاسم والسهم، وقوله: "يسمى سهمها" أي يذكر سهمها. قال: وقال بعضهم: لا بل هو اسم العين، وهو معرفة، ولكنه لما كان رأس آية، وكان مفتوحا، زيدت فيه الألف، كما قال: (كَانت قَوارِيرا). وقال بعض نحويِّي الكوفة: السلسبيل: نعت أراد به سلس في الحلق، فلذلك حَرِيّ أن تسمى بسلاستها.
وقال آخر منهم: ذكروا أن السلسبيل اسم للعين، وذكروا أنه صفة للماء لسلسه وعذوبته؛ قال: ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر، ولم نر أحدا ترك إجراءها وهو جائز في العربية، لأن العرب تجري ما لا يجرى في الشعر، كما قال متمم بن نويرة:
فَمَا وَجْدُ أظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائمٍ | رأيْنَ مخَرًّا مِنْ حُوَارٍ ومَصْرَعا (١) |
والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله: (تُسَمَّى سَلْسَبِيلا) صفة للعين، وصفت بالسلاسة في الحلق، وفي حال الجري، وانقيادها لأهل الجنة يصرّفونها حيث شاءوا، كما قال مجاهد وقتادة؛ وإنما عني بقوله (تُسَمَّى) : توصف.
(١) الأضداد لابن الأنباري: ١٦٣، والخزانة ٤: ٤٩٠، وقال: "لم أقف على تتمته وقائله، مع أنه مشهور، قلما خلا منه كتاب نحوي، والله أعلم".