والتخفيف، كما قال الأعشى:

وأنْكَرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْ مِنَ الْحَوَادِثِ إلا الشَّيْبَ والصَّلعَا (١)
وقد يجوز أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا. فإنه محكيّ عن العرب، قُدِر عليه الموت، وقُدِّر - بالتخفيف والتشديد.
وعني بقوله: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) ما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن ابن المبارك غن جويبر، عن الضحاك (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) قال: فملكنا فنعم المالكون.
وقوله: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) يقول جلّ ثناؤه: ويل يومئذ للمكذّبين بأن الله خلقهم من ماء مهين.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا (٢٥) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (٢٦) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) ﴾.
يقول تعالى ذكره: منبها عباده على نعمه عليهم: (أَلَمْ نَجْعَلِ) أيها الناس (الأرضَ) لكم (كِفاتًا) يقول: وعاء، تقول: هذا كفت هذا وكفيته، إذا كان وعاءه.
وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.
(١) الأثر ١٤٩- نقله السيوطي في الدر المنثور ١: ٩ ونسبه للطبري وحده. وعطاء الخراساني هو عطاء بن أبي مسلم، وهو ثقة، وضعفه بعض الأئمة. وهو كثير الرواية عن التابعين، وكثير الإرسال عن الصحابة، في سماعه منهم خلاف. وأما الراوي عنه "أبو الأزهر نصر بن عمرو اللخمي"، فإني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع، إلا قول الدولابي في الكنى والأسماء ١: ١١٠: "أبو الأزهر الفلسطيني نصر بن عمرو اللخمي، روى عنه يحيى بن صالح الوحاظي".


الصفحة التالية
Icon