وقوله: (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ) يقول جلّ ثناؤه: جزاء من ربك ربّ السموات السبع والأرض وما بينهما من الخلق.
واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة: (رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما الرَّحْمَنُ) بالرفع في كليهما. وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض الكوفيين: (رَبِّ) خفضًا: (الرَّحْمَنُ) رفعًا ولكلّ ذلك عندنا وجه صحيح، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب، غير أن الخفض في الربّ، لقربه من قوله: (جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ) : أعجب إليّ، وأما (الرَّحْمَنُ) بالرفع فإنه أحسن لبعده من ذلك.
وقوله: (الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) يقول تعالى ذكره: الرحمن لا يقدر أحد من خلقه خطابه يوم القيامة، إلا من أذن له منهم وقال صوابًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) قال: كلاما.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) أي كلاما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا) قال: لا يملكون أن يخاطبوا الله، والمخاطِب: المخاصم الذي يخاصم صاحبه.
وقوله: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) اختلف أهل العلم في معنى الروح في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو مَلَك من أعظم الملائكة خَلْقًا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن خلف العَسْقَلانيّ، قال: ثنا روّاد بن الجرّاح، عن أبي حمزة، عن الشعبيّ، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال: الرُّوح: ملك في السماء الرابعة، هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة يسبح الله كلّ يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كلّ تسبيحة مَلَكا من الملائكة، يجيء يوم القيامة صفًّا وحده.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس،


الصفحة التالية
Icon