ومنه قول أخي نهم يوم ذي قار لفرسه:
أَقْدِمْ "مِحاجُ" إنها الأساوِرَه... وَلا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ نادِرَهْ... فإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ... ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَها فِي الْحَافِرَهْ... مِنْ بَعْدِ ما كُنْتَ عِظاما ناخِرَهْ (١)
واختلف أهل التأويل في معناها، فقال بعضهم مثل الذي قلنا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: (فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) قال: على الأرض، قال: فذكر شعرا قاله أُمية بن أبي الصلت، فقال:
عِنْدَنا صَيْدُ بَحْرٍ وصَيْدُ ساهِرَةٍ (٢)
حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا أبو محصن، عن حصين، عن عكرِمة، في قوله: (فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) قال: الساهرة: الأرض، أما سمعت: لهم صيد بحر، وصيد ساهرة.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي،
(٢) ديوانه: ٢٥. سلأ السمن يسلؤه: طبخه وعالجه فأذاب زبده. والسلاء، بكسر السين: السمن. وحقن اللبن في الوطب، والماء في السقاء: حبسه فيه وعبأه. رب نحى السمن يربه: دهنه بالرب، وهو دبس كل ثمرة، وكانوا يدهنون أديم النحى بالرب حتى يمتنوه ويصلحوه، فتطيب رائحته، ويمنع السمن أن يرشح، من غير أن يفسد طعمه أو ريحه. وإذا لم يفعلوا ذلك بالنحى فسد السمن. وأديم مربوب: جدا قد أصلح بالرب. يقول: فعلوا فعل هذه الحمقاء، ففسد ما جهدوا في تدبيره وعمله.