من دنس الكفر، وتؤمِن بربك؟
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى) قال: إلى أن تُسلم. قال: والتزكي في القرآن كله: الإسلام، وقرأ قول الله: (وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى) قال: من أسلم، وقرأ (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) قال: يسلم، وقرأ (وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى). ألا يسلم.
حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحَكَم، قال: ثنا حفص بن عُمَرَ العَدَنِيّ، عن الحكم بن أبان عن عكرمة، قول موسى لفرعون: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى) هل لك إلى أن تقول: لا إله إلا الله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (تَزَكَّى) فقرأته عامة قرَّاء المدينة (تَزَّكَّى) بتشديد الزاي، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة (إِلَى أَنْ تَزَكَّى) بتخفيف الزاي. وكان أبو عمرو يقول فيما ذُكر عنه (تَزَّكَّى) بتشديد الزاي، بمعنى: تتصدّق بالزكاة، فتقول: تتزكى، ثم تدغم، وموسى لم يدع فرعون إلى أن يتصدّق وهو كافر، إنما دعاه إلى الإسلام، فقال: تزكى: أي تكون زاكيا مؤمنا، والتخفيف في الزاي هو أفصح القراءتين في العربية.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى (٢٤) ﴾.
يقول تعالى ذكره لنبيه موسى: قل لفرعون: هل لك إلى أن أرشدك إلى ما يرضي ربك، وذلك الدين القيم (فَتَخْشَى) يقول: فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه.
قوله: (فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى) يقول تعالى ذكره: فأرى موسى فرعون الآية الكبرى، يعني الدلالة الكبرى، على أنه لله رسول أرسله إليه، فكانت تلك الآية يد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين، وعصاه إذ تحوّلت ثعبانا مبينا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


الصفحة التالية
Icon