والمقبر: هو الله، الذي أمر عباده أن يقبروه بعد وفاته، فصيره ذا قبر. والعرب تقول فيما ذُكر لي: بترت ذنَب البعير، والله أبتره، وعضبت قَرنَ الثور، والله أعضبه؛ وطردت عني فلانا، والله أطرده، صيره طريدا.
وقوله: (ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ) يقول: ثم إذا شاء الله أنشره بعد مماته وأحياه، يقال: أنشر الله الميت بمعنى: أحياه، ونشر الميت بمعنى حيى هو بنفسه، ومنه قول الأعشى:
حتى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رأوْا | يا عَجَبا لِلْمَيِّتِ النَّاشرِ (١) |
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ) قال: لا يقضي أحد أبدًا ما افتُرِض عليه. وقال الحارث: كلّ ما افترض عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيْتُونًا وَنَخْلا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) ﴾.
(١) الخبر ١٥٩- إسناده حسن كالذي قبله. وأبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله ابن الزبير الأسدي، من الثقات الكبار، من شيوخ أحمد بن حنبل وغيره من الحفاظ. وقيس: هو ابن الربيع. وهذه الأخبار الثلاثة ١٥٧- ١٥٩، ولفظها واحد، ذكرها ابن كثير ١: ٤٤ خبرًا واحدًا دون إسناد. وذكرها السيوطي في الدر المنثور ١: ١٣ خبرًا واحدًا ونسبه إلى "الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وصححه، عن ابن عباس".