ولو قرأ قارئ ممن قرأ (سألَتْ بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) كان له وجه، وكان يكون معنى ذلك من قرأ (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) غير أنه إذا كان حكاية جاز فيه الوجهان، كما يقال: قال عبد الله: بأيّ ذنْبٍ ضُرب؛ كما قال عنترة:

الشَّاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذَا لَقِيتُهُما دَمي (١)
وذلك أنهما كانا يقولان: إذا لقينا عنترة لنقتلنَّه، فحكى عنترة قولهما في شعره؛ وكذلك قول الآخر:
رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا أنَّا رأيْنا رَجُلا عُرْيانا (٢)
بمعنى: أخبرانا أنهما، ولكنه جرى الكلام على مذهب الحكاية. وقرأ ذلك بعض عامة قرّاء الأمصار: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) بمعنى: سُئلت الموءودة بأيّ ذنب قُتلت، ومعنى قُتلت: قتلت غير أن ذلك ردّ إلى الخبر على وجه الحكاية على نحو القول الماضي قبل، وقد يتوجه معنى ذلك إلى أن يكون: وإذا الموءودة سألت قتلتها ووائديها، بأيّ ذنب قتلوها؟ ثم ردّ ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله، فقيل: بأيّ ذنب قتلت.
(١) الأثر ١٦٤ - أبو جعفر: هو الرازي التميمي، وهو ثقة، تكلم فيه بعضهم، وقال ابن عبد البر: "هو عندهم ثقة، عالم بتفسير القرآن". وله ترجمة وافية في تاريخ بغداد ١١: ١٤٣ - ١٤٧. وهذا الأثر عن أبي العالية ذكره ابن كثير ١: ٤٥ والسيوطي ١: ١٣ بأطول مما هنا قليلا، ونسبه أيضًا لابن أبي حاتم، وقال ابن كثير: "وهذا كلام غريب، يحتاج مثله إلى دليل صحيح". وهذا حق.
(٢) الأثر ١٦٥ - سبق الكلام على هذا الإسناد ١٤٤. وهذا الأثر ذكره ابن كثير ١: ٤٤ دون نسبة ولا إسناد.


الصفحة التالية
Icon