وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقد ذكرنا معنى الثبور فيما مضى بشواهده، وما فيه من الرواية.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَدْعُو ثُبُورًا) قال: يدعو بالهلاك.
وقوله: (وَيَصْلَى سَعِيرًا) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء مكة والمدينة والشام: (وَيُصَلَّى) بضم الياء وتشديد اللام، بمعنى: أن الله يصليهم تصلية بعد تصلية، وإنضاجة بعد إنضاجة، كما قال تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا)، واستشهدوا لتصحيح قراءتهم ذلك كذلك، بقوله: (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) وقرأ ذلك بعض المدنيين وعامة قرّاء الكوفة والبصرة: (وَيَصْلَى) بفتح الياء وتخفيف اللام، بمعنى: أنهم يَصْلونها ويَرِدونها، فيحترقون فيها، واستشهدوا لتصحيح قراءتهم ذلك كذلك بقول الله: (يَصْلَوْنَهَا) و (إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ).
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله: (إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا) يقول تعالى ذكره: إنه كان في أهله في الدنيا مسرورا لما فيه من خلافه أمرَ الله، وركوبه معاصيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا) : أي في الدنيا.
وقوله: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى) يقول تعالى ذكره: إنّ هذا الذي أُوتي كتابه وراء ظهره يوم القيامة، ظنّ في الدنيا أن لن يرجع إلينا، ولن يُبعث بعد مماته، فلم يكن يبالي ما ركب من المآثم؛ لأنه لم يكن يرجو ثوابًا، ولم يكن يخشى عقابًا،