لشديد، وهو تحذير من الله لقوم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن يُحلّ بهم من عذابه ونقمته، نظير الذي حلّ بأصحاب الأخدود على كفرهم به، وتكذيبهم رسوله، وفتنتهم المؤمنين والمؤمنات منهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) ﴾.
اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) فقال بعضهم: معنى ذلك: إن الله أبدى خلقه، فهو يبتدئ، بمعنى: يحدث خلقه ابتداء، ثم يميتهم، ثم يعيدهم أحياء بعد مماتهم، كهيئتهم قبل مماتهم.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) يعني: الخلق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) قال: يُبْدِئُ الخلق حين خلقه، ويعيده يوم القيامة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنه هو يُبْدِئُ العذاب ويعيده.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) قال: يُبْدِئُ العذاب ويعيده.
وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب، وأشبههما بظاهر ما دلّ عليه التنزيل القولُ الذي ذكرناه عن ابن عباس، وهو أنه يُبْدِئُ العذاب لأهل الكفر به ويعيد، كما قال جلّ ثناؤه: (فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) في الدنيا، فأبدأ ذلك لهم في الدنيا، وهو يعيده لهم في الآخرة.
وإنما قلت: هذا أولى التأويلين بالصواب؛ لأن الله أتبع ذلك قوله: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) فكان للبيان عن معنى شدّة بطشه الذي قد ذكره قبله، أشبه به بالبيان